كان يا ما كان في قديم الزمان وفي سالف العصر والأوان لحتى كان.
كان في إحدى القرى في بلاد الفرس أخوان، أحدهما اسمه قاسم والآخر اسمه علي بابا، كان قاسم متزوجاً من امرأة مات والداها فورثتهما وأصبح بدوره غنياً، وكان يعمل في التجارة وازدهر عمله كثيراً بعد حصوله على المال من زوجته، وأما علي بابا فكان متزوجا أيضاً، ويعيش في بيت متواضع، ويعمل في قطع الأخشاب من الغابة، ويذهب إلى السوق فيبيع الخشب ويوفر قوت يومه هو وزوجته.
كان شقيق علي بابا قاسم جشعاً جداً، لا يرفق بحال أخيه علي بابا أبداً، وهو لا يحاول حتى مساعدته من أجل أن يحسّن مستوى علي بابا المعيشي، بل كان دائماً يتعامل معه بطريقة دونية، وحتى زوجة شقيق علي بابا كانت جشعة مثل زوجها وكانت لا تتحدث مع زوجة علي بابا أبداً، حتى أنها لم تكن تتمنى لشقيق زوجها علي بابا وزوجته الخير.
في يوم من أيام الصيف الحارة، ذهب علي بابا كالمعتاد إلى الغابة من أجل قطع الأخشاب وبيعها في السوق إلى التجار، لاحظ علي بابا تجمع قرابة أربعين رجلاً كانوا كلهم يمتطون أحصنة ويمشون وراء بعضهم بعضاً في الغابة، ووصلوا إلى كهف ووقفوا جميعاً في انتظار القائد!
وعلى مسمع من علي بابا الذي كان يختبئ بشكل جيد من هؤلاء الرجال، قال أحد الرجال أمام الكهف: “افتح يا سمسم”، وفجأة تحركت صخرة كبيرة كانت واقفة أمام الكهف، ودخل الأربعون رجلاً إلى الكهف، وقال أحدهم بصوت مرتفع: “اغلق يا سمسم”، وأغلقت الصخرة فوراً!
المصدر: Lisbon Labs
بقي علي بابا يراقب مدخل الكهف، وبعد مرور ساعتين، خرج الرجال من الكهف وأغلقوه وراءهم وهم محملين بأكياس كثيرة على أحصنتهم، وعادوا أدراجهم إلى عمق الغابة! في البداية خاف علي بابا من تقصي الأمر، ولكن قال لنفسه إنها ستكون مغامرة، فليرى ما الذي يخبئه هؤلاء في ذلك الكهف!
اقترب علي بابا من الكهف وقال: “افتح يا سمسم”، وابتعدت الصخرة عن باب الكهف، ودخل علي بابا إلى الكهف بحذر، وفجأة رأى الكثير من الذهب والمال والأحجار الكريمة والماس، وعرف أن هؤلاء لصوص يسرقون ويخبؤون كل ما يسرقونه في هذا الكهف! فقرر علي بابا أن يحمل بعض الأكياس التي لديه على حماره ويعود بها إلى المنزل وبذلك يكون قد أصبح ميسور الحال.
المصدر: Lisbon Labs
خرج علي بابا من الكهف وقال للصخرة: “اغلق يا سمسم”، وغادر سعيداً بالمفاجأة التي أحضرها إلى زوجته المسكينة التي صبرت معه كثيراً، وعندما وصل إلى المنزل، أعطى أكياس المال والذهب إلى زوجته مسروراً وقال لها: “انظري ما أحضرت لك”، فردت خائفة: “هل سرقت الناس؟”، فقال لها: “لا أقسم لك لم أفعل”، وسرد عليها القصة كاملةً.
سرت زوجة علي بابا بهذه الهدية، وحمدت الله كثيراً، واتفقا على حفر حفرة كبيرة يضعان فيها كل المال، ولكن قبل ذلك عليهما عدّه، فقالت الزوجة: “سأذهب إلى زوجة أخيك وأستعير منها مكيالاً لنزن به الذهب”، لم تعجب علي بابا الفكرة بدايةً، ولكن بعد إصرار زوجته، سمح لها بالذهاب.
ذهبت زوجة علي بابا إلى زوجة أخيه قاسم، وطلبت منها مكيالاً لتكيل الشعير، كانت زوجة قاسم شريرة وجشعة، ومن أجل أن تتأكد ما الذي يريد كل من علي بابا وزوجته وزنه، قامت بوضع القليل من العسل على أسفل المكيال، حتى يلتصق بعض ما سيقومون بكيله، وتكتشف ما الذي يصنعه علي بابا وزوجته!
المصدر: HK Magazine Media
عندما أعادت زوجة علي بابا المكيال لزوجة قاسم لم تنتبه بأن أحد الدنانير علقت في المكيال! وعرفت زوجة قاسم بأن علي بابا وزوجته يخبئان المال وشعرت بغيظ كبير، وعندما جاء قاسم إلى المنزل قالت له: ” أكنت تظن أنك أغنى من أخيك علي بابا، لقد كان هو وزوجته يدّعيان الفقر، ولكن من كثر غناهما فهما يكيلان المال والذهب بالمكيال”، فقال لها: “وكيف عرفت ذلك؟”، وسردت زوجته عليه القصة كاملةً.
اغتاظ قاسم كثيراً وذهب مسرعاً إلى علي بابا، وقال لعلي بابا في حال لم تقل من أين لك كل هذه الأموال، سأشتكيك للقاضي وأقول إنك سارق، ولكن علي بابا قال له: “في كل الأحوال لن يعتبرني القاضي سارقاً لأنني أخذت هذا المال من السارقين، ولكن لأني أفضل منك أخلاقاً وأحبك وأحترمك لأنك شقيقي الأكبر سأخبرك بكل القصة”.
وأخبر علي بابا القصة كاملةً لقاسم، وقال له علي بابا إنه سيقسم المال الذي أخذه من الكهف بينه وبين شقيقه، ولكن قاسم جشع الطبع، ولم يقبل بهذه الفكرة، وطلب من علي بابا أن يدله على موقع الكهف بشكل دقيق، حتى يذهب ويحمل كل ما يريد من أموال وذهب ويعود بها إلى زوجته!
المصدر: Petrobras
في اليوم الثاني ذهب قاسم وهو يقود أحصنته إلى الكهف وقال: “افتح يا سمسم”، وعندها فتحت الصخرة ودخل إلى الكهف وأغلق الصخرة وراءه! ومن شدة انبهاره نسي نفسه داخل الكهف وهو يجمع كل ما تقع عليه عيناه في الأكياس التي يحملها على أحصنته! واستغرق الأمر الكثير من الساعات.
وفجأة سمع صوت رجال دخلوا إلى الكهف، وعثروا عليه وهو يحاول الاختباء، ولكن كيف يختبئ وأحصنته داخل الكهف! فقاموا بقتله وتقطيعه حتى يكون عبرة لرفاقه الآخرين، في حال كان له رفقة يعرفون السر!
ومرت الأيام وقاسم لم يعد، وذهبت زوجة قاسم إلى علي بابا لتخبره بغياب قاسم منذ أيام، فقلق على أخيه كثيراً وقرّر الذهاب إلى الكهف، وعندما دخل إلى الكهف، وجد أخاه مقتولاً، فحزن حزناً شديداً على ما حل بأخيه، ووضعه داخل كيس وذهب عائداً إلى القرية، وأخبر زوجة قاسم بأن زوجها قد قتل وعليهم دفنه من دون أن يعرف أحد، حتى لا يعثر عليهم اللصوص ويقوموا بقتلهم!
وقام علي بابا بدفن أخيه قاسم، وأحسن هو وزوجته معاملة زوجة أخيه إلى آخر يوم في حياتهم.
القيم المستفادة من قصة علي بابا
– يجب أن يرضى الشخص بنصيبه ولا يتمنى زوال النعمة عن غيره.
– يجب أن نعامل الجميع بأخلاق حميدة حتى لو عاملنا بعض الناس بطريقة غير جيدة.
– الجشع يضر صاحبه أكثر مما يفيده.
– من يصبر ينال ما يرضيه.